العاشق الحزين عضو جديد
رسائل SmS : شبكه ومنتديات سوفت ابو شهاب التميز له مذاق مختلف "عزيزي العضو ضع رسائلك هناا اذا رغبت" عدد المساهمات : 25 نقاط : 19734 تاريخ التسجيل : 19/06/2011
| موضوع: تيسير العزيز المنان في بيان اعجاز القرآن الأربعاء يونيو 22, 2011 5:24 am | |
| E الحمد لله الذي تكلم بالقرآن فأعجز بنظمه، وأوحاه إلى نبيه صلى الله عليه وسلم فأعجز بشرائعه، الحمد لله الذي لا إله إلا هو القدوس السلام، والصلاة والسلام على خير الأنام. أما بعد: فإن البحث في الإعجاز ممتع، ولكنه طويل جداً، لذلك حاولت الاقتصار على بعض المباحث التي أظن أنها أهم من غيرها، واستعنت بعد الله سبحانه وتعالى بكتاب معترك الأقران للإمام السيوطي رحمه الله، وجُلَّ من نقلتُ عنهم كانوا على نهجه إلا الشيخ الزرقاني؛ فقد شذ في ثلاث مسائل مذكورة في ثنايا هذا الكتاب، أما الذي نظر إلى هذا المبحث نظرة مختلفة وجدد فيه فهو الأستاذ سيد قطب في كتابه الفريد (التصوير الفني في القرآن) والذي قرر فيه أن الإعجاز حاصل في كل القرآن، وقد خالف في ذلك صاحب دلائل الإعجاز حيث قال تحت عنوان: (رأي عبد القاهر في الإعجاز): (ورفض أن يكون الإعجاز في الكلمة المفردة أو في معاني الكلمة المفردة ورفض كذلك أن يكون سبب الإعجاز هو الجريان والسهولة وعذوبة الألفاظ وعدم ثقلها على اللسان...). فالصحيح هو أن كل شيء في القرآن معجز كما سنبينه إن شاء الله. وأسأل الله عز وجل أن ينفع بهذا البحث، وأن يأجر كاتبه وكل من أعان عليه، ومن كان سبباً في كتابته.
كاتبه: عبد الرحمن بن محمد الهرفي الهفوف :3/6/1413هـ الفصل الأول التمهيد أولاً: معنى الإعجاز: في اللغة: قال صاحب القاموس: (وأعجزه الشيء: فاته، وأعجز فلاناً: وجده عاجزاً وصيّره عاجزاً، والتعجيز: التثبيط والنسبة إلى العجز، ومعجزة النبي صلى الله عليه وسلم: ما أعجز به الخصم عند التحدي والهاء للمبالغة)( ). وقال في التبيان: (الإعجاز في اللغة العربية هو: نسبة العجز إلى الغير، قال تعالى: ((أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْأَةَ أَخِي)) [المائدة:31] وتسمى المعجزة بهذا الاسم؛ لأن البشر يعجزون عن الاتيان بمثلها، لأنه أمر خارق للعادة، خارج عن حدود الأسباب المعروفة، وإعجاز القرآن معناه: إثبات عجز البشر متفرقين ومجتمعين عن الاتيان بمثله، وليس المقصود من (إعجاز القرآن) هو تعجيز البشر لذات التعجيز، أي: تعريفهم بعجزهم عن الاتيان بمثل القرآن)( ). ثانياً: شروط المعجزة: أ- أنها أمر خارق للعادة غير جار على ما اعتاد الناس من سنن الكون والظواهر الطبيعية. ب- أنها أمر مقرون بالتحدي للمكذبين أو الشاكين، ولا بد أن يكون الذين يتحدون من القادرين على اتيان مثل المعجزة إن لم تكن من عند الله، وإلا فإن التحدي لا يتصور، إذ أننا لا نستطيع أن نتصور بطلاً في الملاكمة يتحدى طفلاً؛ لأن هذا الطفل عاجز عن مقابلته. جـ- أنها أمر سالم من المعارضة، فمتى أمكن لأحد أن يعارض هذا الأمر ويأتي بمثله بطل أن يكون معجزة. وهي على نوعين: حسية وعقلية. والملاحظ أن أكثر معجزات الأنبياء السابقين كانت حسية، بينما نجد أن المعجزة الكبرى التي جاء بها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم عقلية، ونعني بهذه المعجزة: القرآن، وهناك معجزات أخرى للنبي صلى الله عليه وسلم جاء في الصحيح أخبارها وهي كثيرة، ولعل مرد ذلك إلى أن هذه الشريعة آخر الشرائع وستبقى إلى أبد الدهر.. إلى يوم القيامة؛ ومن أجل ذلك فقد خصت بالمعجزة العقلية الباقية، ليراها ذوو البصائر في كل العصور ومهما تقدم الزمان، وهكذا فإن معجزات الأنبياء السابقين عليهم السلام قد انقرضت بانقراض أعمارهم، فلم يشاهدها إلا من حضرها، بينما معجزة القرآن مستمرة إلى يوم القيامة( ). ثالثاً: أوجه الإعجاز: أ- الأسلوب المخالف لجميع أساليب العرب. ب- الجزالة التي لا تصح من مخلوق بحال، وتأمل في ذلك سورة (ق) بتمامها. قال ابن الحصار: وهذه الثلاثة من النظم، والأسلوب والجزالة، لازمة كل سورة، بل هي لازمة كل آية، وبمجموع هذه الثلاثة يتميز مسموع كل آية وكل سورة عن سائر كلام البشر، وبها وقع التحدي والتعجيز، ومع هذا فكل سورة تنفرد بهذه الثلاثة، من غير أن ينضاف إليها أمر آخر من الوجوه العشرة، فهذه سورة (الكوثر) ثلاث آيات قصار، وهي أقصر سورة في القرآن، وقد تضمنت الإخبار عن مغيبين: أحدهما: الإخبار عن الكوثر وعظمته، وسعته وكثرة أوانيه، وذلك يدل على أن المصدقين به أكثر من أتباع سائر الرسل. والثاني: الإخبار عن الوليد بن المغيرة، وقد كان عند نزول الآية ذا مال وولد على ما يقتضيه قوله الحق: ((ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً * وَجَعَلْتُ لَهُ مَالاً مَمْدُوداً * وَبَنِينَ شُهُوداً * وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيداً)) [المدثر:11-14]. ج- التصرف في لسان العرب على وجه لا يستقل به عربي، حتى يقع الاتفاق من جميعهم على أصابته في وضع كل كلمة وحرف موضعه. د- الإخبار عن الأمور التي تقدمت في أول الدنيا، إلى وقت نزوله، من أمي ما كان يتلو من قبله من كتاب ولا يخطه بيمينه ( ). هـ- الوفاء بالوعد، المدرك بالحس في العيان، في كل ما وعد سبحانه: ((وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفاً مِنْ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ)) [الأنفال:65] وشبه ذلك. و- الإخبار عن المغيبات في المستقبل التي لا يطلع عليها إلا الوحي، فمن ذلك: ما وعد الله نبيه عليه السلام أنه سيظهر دينه على الأديان، بقوله تعالى: ((هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ)) [التوبة:33] ففعل ذلك، وكان أبو بكر رضي الله عنه إذا أغزى جيوشه عرفهم ما وعدهم الله من إظهار دينه ليثقوا بالنصر، وليستيقنوا بالنجاح. ز- ما تضمنه القرآن من العلم الذي هو قوام جميع الأنام، في الحلال والحرام، وفي سائر الأحكام. ح- الحكم البالغة، التي لم تجر العادة بأن تصدر في كثرتها وشرفها من آدمي. ط- التناسب في جميع ما تضمنه ظاهراً وباطناً من غير اختلاف، قال الله تعالى: ((وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً)) [النساء:82]( ). ومن فصاحة القرآن أن الله تعالى جل ذكره، ذكر في آية واحدة أمرين، ونهيين وخبرين وبشارتين، وهو قوله تعالى: ((وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ...)) [القصص:7]( ). رابعاً: بم وقع التحدي؟ : (إن قال قائل: بينوا لنا ما الذي وقع التحدي إليه أهو الحروف المنظومة أو الكلام القائم بالذات أو غير ذلك؟ قيل: الذي تحداهم به أن يأتوا بمثل الحروف التي هي نظم القرآن، منظومة كنظمها، متتابعة كتتابعها، مطردة كاطرادها، ولم يتحدهم إلى أن يأتوا بمثل الكلام القديم الذي لا مثل له. وإن كان كذلك فالتحدي واقع إلى أن يأتوا بمثل هذه الحروف المنظومة، التي هي عبارة عن كلام الله تعالى في نظمها وتأليفها) ( ). خامساً: لمن وقع التحدي؟: (التحدي إنما وقع للإنس دون الجن؛ لأن الجن ليسوا من أهل اللسان العربي الذي جاء القرآن على أساليبه، وإنما ذكروا في قوله: ((قُلْ لَئِنْ اجْتَمَعَتْ الإِنسُ وَالْجِنُّ)) [الإسراء:88] تعظيماً لإعجازه؛ لأن الهيئة الاجتماعية لها من القوة ما ليس للأفراد، فإذا فرض اجتماع جميع الإنس والجن، وظاهر بعضهم بعضاً، وعجزوا عن المعارضة كان الفريق الواحد أعجز)( ). الفصل الثاني كلمة للإمام السيوطي رحمه الله
(الحمد لله الذي جعل معجزات هذه الأمة عقلية؛ لفرط ذكائهم وكمال أفهامهم، وفضلهم على من تقدمهم، إذ معجزاتهم حسية لبلادتهم وقلة بصيرتهم، نحمده سبحانه على قوله لرسوله: ((وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ)) [النحل:44]. وخصه بالإعانة على التبليغ، فلم يقدر أحد منهم على معارضته بعد تحديهم وكانوا أفصح الفصحاء، وأبلغ البلغاء، وأمهلهم طول السنين فعجزوا، وقالوا: ((وَقَالُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ * أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ)) [العنكبوت:50، 51]. فأخبر تعالى أن الكتاب آية من آياته قائم مقام معجزات غيره من الأنبياء لفنائها بفنائهم)( ). (أما بعد: فإن إطلاق السلف رضي الله عنهم على كلام الله أنه محفوظ في الصدور مقروء بالألسنة مكتوب بالمصاحف، هو بطريق الحقيقة لا بطريق المجاز، وليسوا يعنون بذلك حلول كلام الله تعالى القديم في هذه الأجرام، تعالى الله عن ذلك! وإنما يريدون أن كلامه جل وعلا مذكور مدلول عليه( ) بتلاوة اللسان، وحفظ الجنان، وكتابة البنان، فهو موجود فيها حقيقة وعلماً لا مدلولاً، وقد أفرد علماؤنا رضي الله عنهم بتصانيف إعجاز القرآن وخاضوا في وجوه إعجازه كثيراً، وأنهى بعضهم وجوه إعجازه إلى ثمانين، والصواب أنه لا نهاية لوجوه إعجازه، كما قال السكاكي في المفتاح: اعلم أن إعجاز القرآن يدرك ولا يمكن وصفه، كاستقامة الوزن، تدرك ولا يمكن وصفها، وكالملاحة، وكما يدرك طيب النغم العارض لهذا الصوت، ولا يدرك تحصيله لغير ذوي الفطر السليمة، إلا بإتقان علمي المعاني والبيان، والتمرين فيهما( ). فإن قلت: هل يقال: إن غير القرآن من كلام الله معجز كالتوراة والإنجيل؟ فالجواب: ليس شيء من ذلك معجزاً في النظم والتأليف، وإن كان معجزاً كالقرآن فيما يتضمن من إخبار بالغيوب، وإنما لم يكن معجزاً؛ لأن الله لم يصفه بما وصف به القرآن، ولأنا قد علمنا أنه لم يقع التحدي إليه كما وقع في القرآن، ولأن ذلك اللسان لا يتأتى فيه من وجوه الفصاحة ما يقع به التفاضل الذي ينتهي به إلى حد الإعجاز)( ). الفصل الثالث حفظ السطر والصدر
1- الإعجاز: تيسير حفظه، قال تعالى: ((وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ)) [القمر:22] وسائر الأمم لا يحفظ كتبها الواحد منهم فكيف الجم، على مرور السنين عليهم، والقرآن ميسر حفظه للغلمان في أقرب مدة، حتى أن منهم من حفظه في المنام، ويحكي أنه رفع إلى المأمون صبي ابن خمس سنين وهو يحفظ القرآن( ). 2- الإعجاز: كونه محفوظاً عن الزيادة والنقصان، محروساً عن التبديل والتغيير على تطاول الأزمان، بخلاف سائر الكتب، قال تعالى: ((إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)) [الحجر:9] فلم يقدر أحد بحمد الله على التجاسر عليه( ). الفصل الرابع حسن التآلف
1- افتتاح السور وخواتيمها: وهو من أحسن البلاغة عند البيانيين، وهو أن يتأنق في أول الكلام؛ لأنه أول ما يقرع السمع، ومن الابتداء الحسن نوع أخص منه يسمى: براعة الاستهلال، وهو أن يشتمل أول الكلام على ما يناسب الحال المتكلم فيه، ويشير إلى ما سبق الكلام لأجله، والعلم الأسنى في ذلك سورة الفاتحة التي هي مطلع القرآن، فإنها مشتملة على جميع مقاصده؛ لأنه افتتح بها، فنبه في الفاتحة على جميع مقاصد القرآن، وهذا هو الغاية في براعة الاستهلال، مع ما اشتملت عليه من الألفاظ الحسنة والمقاطع المستحسنة وأنواع البلاغة. وخواتيم السور مثل الفواتح في الحسن، فلهذا جاءت متضمنة للمعاني البديعة، مع إيذان السامع بانتهاء الكلام، حتى لا يبقى معه للنفوس تشوق إلى ما يذكر بعد)( ). فإن قلت: ما الحكمة في ختم هذا القرآن العظيم بالمعوذتين؟ والجواب: ما قاله ابن جرير في تفسيره عن شيخه ابن الزبير: لثلاثة أمور: الأول: لما كان القرآن العظيم من أعظم نعم الله على عباده، والنعم مظنة الحسد، فختم بما يطفئ الحسد من الاستعاذة بالله. الثاني: إنما ختم بهما لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فيهما: (أنزلت عليَّ آيات لم أر مثلهن قط) كما قال في فاتحة الكتاب: (لم ينزل في التوارة ولا في الإنجيل ولا في الفرقان مثلها) ففتح القرآن بسورة لم ينزل مثلها، واختتمه بسورتين لم ير مثلهما، يجمع حسن الافتتاح وحسن الاختتام. الثالث: أنه لما أمر القارئ أن يفتتح قراءته بالتعوذ بالله من الشيطان الرجيم؛ ختم القرآن بالمعوذتين لتحصل الاستعاذة بالله عند أول القراءة وعند آخر ما يقرأ من القرآن( ). 2- المناسبة: مناسبة آياته وسوره وارتباط بعضها ببعض حتى تكون الكلمة الواحدة، متسقة المعاني منتظمة المباني ومن ذلك قوله تعالى: ((لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ)) [القيامة:16] ذكر الأئمة لها مناسبات: منها أنه تعالى لما ذكر القيامة وكان من شأن من يقصر عن العمل لها حب العاجلة، فنبه على أنه قد يعترض على فعل الخير ويترك ما هو أجل منه، وهو الإصغاء إلى الوحي وتفهم ما يراد منه، والتشاغل بالحفظ قد يصد عن ذلك فأمر ألا يبادر إلى التحفظ؛ لأن تحفيظه مضمون على ربه، وليصغي إلى ما يراد منه ويقضي ويتبع ما اشتمل عليه، ثم لما انقضت الجملة المعترضة رجع الكلام إلى ما يتعلق بالإنسان المبتدأ بذكره وهو من جنسه فقال: (كلا) وهي كلمة ردع كأنه قال بل أنتم يا بني آدم لكونكم خلقتم من عجل تعجلون في كل شيء، ومن ثم تحبون العاجلة( ). ومن ذلك ما ذكر الفخر الرازي في مناسبة الفاتحة لما بعدها في قوله تعالى: ((غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ)) [الفاتحة:7] المشهور أن المغضوب عليهم هم اليهود، والضالين هم النصارى، وقيل: إنه قول ضعيف، ويحتمل أن يكون المغضوب عليهم هم الكفار والضالون هم المنافقين، وذلك لأنه تعالى بدأ بذكر المؤمنين في سورة البقرة والثناء عليهم في خمس آيات، ثم أتبعه بذكر الكفار ثم أتبعه بذكر المنافقين وكذلك في الفاتحة( ). 3- لفظة غريبة: وفي القرآن لفظة غريبة هي من أغرب ما فيه، وما حسنت في كلام قط إلا في موقعها فيه، وهي كلمة (ضيزى) من قوله تعالى: ((تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزَى)) [النجم:22] ومع ذلك فإن حسنها في نظم الكلام من أغرب الحسن ومن أعجبه، ولو أردت اللغة العربية ما صلح لهذا الموضع غيرها، فإن السورة التي هي منها وهي سورة النجم مفصلة كلها على الياء، فجاءت الكلمة فاصلة من الفواصل، ثم هي في معرض إنكار العرب، إذ وردت في ذكر الأصنام وزعمهم بقسمة الأولاد، فإنهم جعلوا الملائكة والأصنام بنات الله مع وأدهم البنات؛ فقال تعالى: ((أَلَكُمْ الذَّكَرُ وَلَهُ الأُنثَى * تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزَى)) [النجم:21، 22] فكانت غرابة اللفظ أشد الأشياء ملاءمة لغرابة هذه القسمة التي أنكرها، وكانت الجملة كلها كأنها تصور في هيئة النطق بها، الإنكار في الأولى والتهكم في الأخرى، وكان هذا التصوير أبلغ ما في البلاغة وخاصة في اللفظة الغريبة الذي تمكنت في موضعها من الفصل( ).
الفصل الخامس لفتة جميلة من سيد قطب
سحر القرآن: (سَحَرَ القرآن العرب منذ اللحظة الأولى، سواء منهم في ذلك من شرح الله صدره للإسلام، ومن جعل على بصره منهم غشاوة، وإذا تجاوزنا القليل الذين كانت شخصية محمد صلى الله عليه وسلم وحده، هي داعيتهم إلى الإيمان في أول الأمر، كزوجه خديجة، وصديقه أبي بكر، وابن عمه علي، ومولاه زيد، وأمثالهم، فإننا نجد القرآن كان العامل الحاسم أو أحد العوامل الحاسمة في إيمان من آمنوا أوائل أيام الدعوة يوم لم يكن لمحمد حول ولا طول، ويوم لم يكن للإسلام قوة ولا منعة، وقصة إيمان عمر بن الخطاب، وقصة تولي الوليد بن المغيرة، نموذجان من قصص كثيرة للإيمان والتولي، وكلتاهما تكشفان عن هذا السحر القرآني الذي أخذ العرب منذ اللحظة الأولى، وتبينان في اتجاهين مختلفين، عن مدى هذا السحر القاهر، الذي يستوي في الإقرار به المؤمنون والكافرون( ). منبع هذا السحر: (كيف استحوذ القرآن على العرب هذا الاستحواذ؟! وكيف اجتمع على الإقرار بسحره المؤمنون والكافرون سواء؟ بعض الباحثين في مزايا القرآن، ينظر إلى القرآن جملة ثم يجيب، وبعضهم يذكر غير النسق الفني للقرآن أسباباً أخرى يستمدها من موضوعاته بعد أن صار كاملاً، من تشريع دقيق صالح لكل زمان ومكان، ومن إخبار عن الغيب يتحقق بعد أعوام، ومن علوم كونية في خلق الكون والإنسان، ولكن البحث على هذا النحو إنما يثبت المزية للقرآن مكتملاً، فما القول في السور القلائل التي لا تشريع فيها ولا غيب ولا علم، ولا تجمع بطبيعة الحال كل المزايا المتفرقة في القرآن؟ إن هذه السور القلائل قد سحر العرب بها منذ اللحظة الأولى، وفي وقت لم يكن التشريع المحكم ولا الأغراض الكبرى، هي التي تسترعي إحساسهم، وتستحق منهم الإعجاب. لا بد إذن أن تلك السور القلائل كانت تحتوي على العنصر الذي يسحر المستمعين، ويستحوذ على المؤمنين والكافرين، وإذا حسب الأثر القرآني في إسلام المسلمين، فهذه السور الأولى تفوز منه بالنصيب الأوفى مهما يكن عدد المسلمين من القلة في ذاك الأوان، ذلك أنهم إذ ذاك تأثروا بهذا القرآن وحده -على الأغلب- فآمنوا( ). يجب إذن أن نبحث عن منبع السحر في القرآن، قبل التشريع المحكم، قبل النبوءة الغيبية، وقبل العلوم الكونية، وقبل أن يصبح القرآن وحدة مكتملة تشمل هذا كله، فقليل القرآن الذي كان في أيام الدعوة الأولى كان مجرداً من هذه الأشياء التي جاءت فيما بعد، وكان مع ذلك محتوياً على هذا النبع الأصيل الذي تذوقه العرب فقالوا: ((إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ يُؤْثَرُ)) [المدثر:24]( ). فلننظر في السورة الأولى: (سورة العلق) إنها تضم خمس عشرة فاصلة قصيرة، ربما يلوح في أول الأمر أنها تشبه (سجع الكهان) أو (حكمة السجاع) مما كان معروفاً عند العرب إذ ذاك، ولكن العهد في هذه وتلك أنها جمل متناثرة، لا رابط بينها ولا اتساق، فهل هذا هو الشأن في سورة العلق. الجواب: لا. فهذا نسق متساوق يربط فواصله تناسق داخلي دقيق، هذه هي السورة الأولى في القرآن، فناسب أن يستفتحها بالإقراء، وباسم الله: الإقراء، للقرآن، واسم الله، لأنه هو الذي يدعو باسمه إلى الدين والله (رب) فالقراءة للتربية والتعليم، ((اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ)) [العلق:1]( ). وإنها لبدء الدعوة، فليختر من صفات (الرب) صفته التي بها معنى البدء بالحياة: (الذي خلق) وليبدأ من الخلق بمرحلة أولية صغيرة: ((خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ)) [العلق:2] منشأ صغير حقير، ولكن الرب الخالق كريم، كريم جداً: فقد رفع هذا العلق إلى إنسان كامل، يعلم فيتعلم: ((اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ)) [العلق:3-5]. وإنها لنقلة بعيدة بين ذلك المنشأ وهذا المصير، وهي تصور هكذا مفاجأة بلا تدرج وتغفل المراحل التي توالت بين المنشأ والمصير، لتلمس الوجدان الإنساني لمسة قوية في مجال الدعوة الدينية، وفي مجال التأملات الوجدانية، ولقد كان المتوقع أن يعرف الإنسان هذا الفضل العظيم، وأن يشعر بتلك النقلة البعيدة، ولكن: ((كَلاَّ إِنَّ الإِنسَانَ لَيَطْغَى * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى)) [العلق:6، 7]. لقد برزت إذن صورة الإنسان الطاغي الذي نسي منشأه وأبطره الغنى، فالتعقيب التهديدي السريع على بروز هذه الصورة هو: ((إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى)) [العلق:8] فإذا رد الأمر إلى نصابه هكذا سريعاً، لم يكن هناك ما يمنع من المضي في حديث الطغيان الإنساني، وإكمال الصورة الأولى: إن هذا الإنسان الذي يطغى ليتجاوز بطغيانه نفسه إلى سواه: ((أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى * عَبْداً إِذَا صَلَّى)) [العلق:9،10] أرأيت؟ إنها لكبيرة وإنها لتبدو أكبر إذا كان هذا العبد على الهدى آمراً بالتقوى: ((أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى * أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى)) [العلق:11،12] صلى الله عليه وسلم، فما بال هذا المخلوق الإنساني غافلاً عن كل شيء غفلته عن نشأته ونقلته؟ ((أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى * أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى)) [العلق:13، 14] فالتهديد إذن يأتي في إبانه: ((كَلاَّ لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعَا بِالنَّاصِيَةِ)) [العلق:15] هكذا (لنسفعا) بذلك اللفظ الشديد المصور بجرسه لمعناه.. وأنه لأوقع من مرادفه: لنأخذنه بشدة. و(لنسفعاً بالناصية) صورة حسية للأخذ الشديد السريع، ومن أعلى مكان يرفعه الطاغية المتكبر، من مقدم الرأس المتشامخ، إنها ناصية تستحق السفع: ((نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ)) [العلق:16] وإنها للحظة سفع وصرع فقد يخطر له أن يدعو من يعتز بهم من أهله وصحبه: ((فَلْيَدْعُ نَادِيَه)) [العلق:17] ومن فيه، أما نحن فإننا ((سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ)) [العلق:18] وهنا يخيل السياق للسامع صورة معركة بين المدعوين: بين الزبانية وأهل ناديه، وهي معركة تخييلية تشغل الحس والخيال، ولكنها على هذا النحو معروفة المصير، فلتترك لمصيرها المعروف، وليمض صاحب الرسالة في رسالته، غير متأثر بطغيان الطاغي وتكذيبه، ((كَلاَّ لا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ)) [العلق:19] هذا ابتداء قوي منذ اللحظة الأولى للدعوة، وهذه الفواصل التي تبدو في الظاهر متناثرة، هي هكذا من الداخل متناسقة وهذا نسق من القرآن في السورة الأولى الشبيه في ظاهرها بسجع الكهان، أو حكمة السجاع)( ). الفصل السادس التــأثـــير
الروعة التي تلحق قلوب سامعيه وأسماعهم عند سماعه، والهيبة التي تعتريهم عند تلاوته لقوة حاله وإبانة خطره، هي على المكذبين به أعظم حتى كانوا يستثقلون سماعه، وأما المؤمن فلا تزال روعته به وهيبته إياه مع تلاوته توليه انجذاباً، وتكسبه هشاشة لميل قلبه إليه، وتصديقه به، قال تعالى: ((تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ)) [الزمر:23]( ). قال سيد رحمه الله يبين هذا التأثير في تفسيره لسورة النجم: ((فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا)) [النجم:62] وإنها لصيحة مزلزلة مذهلة في هذا السياق وفي هذه الظلال ، وبعد هذا التمهيد الطويل، الذي ترتعش له القلوب، ومن ثم سجدوا، سجدوا وهم مشركون! وهم يمارون في الوحي والقرآن! وهم يجادلون في الله والرسول! سجدوا تحت هذه المطارق الهائلة التي وقعت على قلوبهم، والرسول صلى الله عليه وسلم يتلو هذه السورة عليهم، وفيهم المسلمون والمشركون، ويسجد فيسجد الجميع، مسلمين ومشركين، لا يملكون أن يقاوموا وقع هذا القرآن، ولا أن يتماسكوا لهذا السلطان، ثم أفاقوا بعد فترة فإذا هم في ذهول من سجودهم كذهولهم وهم يسجدون!! بهذا تواترت الروايات، ثم افترقت في تعليل هذا الحديث الغريب، وما هو في الحقيقة بالغريب، فهو تأثير هذا القرآن العجيب ووقعه الهائل في القلوب! ولقد بقيت فترة أبحث عن السبب الممكن لهذا السجود، ويخطر لي احتمال أنه لم يقع، وإنما هي رواية ذكرت لتعليل عودة المهاجرين من الحبشة، بعد نحو شهرين أو ثلاثة، وهو أمر يحتاج إلى تعليل، وبينما أنا كذلك وقعت لي تجربة شعورية خاصة وهي...)( ). الفصل السابع الفـــــــن
1- القصة: وذلك أن القصة الواحدة ترد في سور شتى، وفواصل مختلفة، بأن يأتي في موضع واحد مقدماً وفي آخر مؤخراً، كقوله في سورة البقرة: ((وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّداً وَقُولُوا حِطَّةٌ)) [البقرة:58] وقوله في الأعراف: ((وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّداً)) [الأعراف:161] وقوله في البقرة: ((وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ)) [البقرة:173] وسائر القرآن: ((وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ)) [المائدة:3] سورة الأنعام (145)، سورة النحل (115)( ). 2- التصوير: هو الأداة المفضلة في أسلوب القرآن، فهو يعبر بالصورة المحسوسة المتخيلة عن المعنى الذهني والحالة النفسية، وعن الحادث المحسوس، والمشهد المنظور، وعن النموذج الإنساني والطبيعة البشرية، ثم يرتقي بالصورة التي يرسمها فيمنحها الحياة الشاخصة( ). والآن نأخذ في ضرب الأمثال: ونبدأ بالمعاني الذهنية التي تخرج في صورة حسية: أ- يريد أن يبين أن الذين كفروا لن ينالوا القبول عند الله ولن يدخلوا الجنة إطلاقاً، وأن القبول أو الدخول أمر مستحيل، هذه هي الطريقة الذهنية للتعبير عن هذه المعاني المجردة، ولكن أسلوب التصوير يعرضها في الصورة الآتية: ((إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ)) [الأعراف:40] ويدعك ترسم بخيالك صورة لتفتح أبواب السماء، صور أخرى لولوج الحبل الغليظ في سم الخياط، ويختار من أسماء الحبل الغليظ اسم (الجمل) خاصة في هذا المقام، ويدع للحس أن يتأثر عن طريق الخيال بالصورتين ما شاء له التأثر؛ ليستقر في النهاية معنى القبول ومعنى الاستحالة في أعماق النفس، وقد وردا إليها عن طريق العين والحس –تخيلاً- وعبرا إليها من منافذ شتى في هينة وتؤدة، لا من منفذ الذهن وحده، في سرعة الذهن التجريدية( ). ب- ويريد أن يبين أن الذي يشرك بالله، لا منبت له ولا جذور، ولا بقاء له ولا استقرار، يمثل لهذا المعنى بصورة سريعة الخطوات عنيفة الحركات: ((وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنْ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ)) [الحج:31] هكذا في ومضه يخر من السماء من حيث لا يدري أحد، فلا يستقر على الأرض لحظة أن تخطفه الطير أو أن الرياح تهوي به في مكان سحيق حيث لا يدري أحد كذلك وذلك هو المقصود.( ) ج- الأداء: إن القرآن الكريم معجز في بنائه التعبيري، وتنسيقه الفني، وأسلوبه في الأداء. إن تعبير القرآن يستقيم على خصائص واحدة في مستوى واحد، لا يختلف ولا يتفاوت، ولا تختلف خصائصه كما هي الحال في أعمال البشر، ففي كلام البشر تبدو القمم والسفوح.. التوفيق والتعثر.. الإشراق والانطفاء... إلى آخر هذه الظواهر التي تتجلى معها سمات البشر، وخصها سمة التغير والاختلاف المستمر الدائم من حال، إلى حال هذه الظاهرة واضحة كل الوضوح، وعكسها وهو الثبات والتناسق هو الظاهرة الملحوظة في القرآن( ). د- الموسيقى: وحسبك بهذا الاعتبار في إعجاز النظم الموسيقي في القرآن وأنه مما لايتعلق به أحد ولا ينفق على ذلك الوجه الذي فيه إلا فيه؛ لترتيب حروفه لاعتبار من أصواتها ومخارجها ومناسبة بعض ذلك لبعض مناسبة طبيعية في الهمس والجهر، والشدة والرخاوة، والتفخيم والترقيق، والتفشي والتكرار، وما هذه الفواصل التي تنتهي بها آيات القرآن إلا صورة تامة للأبعاد التي تنتهي بها جمل الموسيقى وهي متفقة مع آياتها في قرار الصوت اتفاقاً عجيباً ليلائم نوع الصوت، والوجه الذي يساق عليه بما ليس وراءه في العجب مذهب( ). الفصل الثامن الأنفس والآفاق
1- موقفنا من هذا الإعجاز: (ومن وجوه إعجاز القرآن تلك الإشارات الدقيقة إلى بعض العلوم الكونية التي سبق إليها القرآن قبل أن يكتشفها العلم الحديث، ثم عدم تعارضه مع ما يكشفه العلم من نظريات حديثة، وقد أشار القرآن الكريم إلى هذه الناحية من نواحي الإعجاز بقوله جل شأنه: ((سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ)) [فصلت:53]. ومع اعتقادنا أن القرآن العظيم ليس كتاب طبيعة أو هندسة أو فيزياء وإنما هو كتاب هداية وإرشاد وكتاب تشريع وإصلاح ولكن مع ذلك لم تخل آياته من الإشارات الدقيقة والحقائق الخفية إلى بعض المسائل الطبيعية والطبية والجغرافية، مما يدل على إعجاز القرآن)( ). وأنا أوافق الشيخ الصابوني غفر الله له على ما قاله وقرره أن القرآن كتاب تشريع وهداية وليس كتاب هندسة، ولكن الله عز جل بعلمه الغيب، علم أنه سيأتي يوم يجهل الناس فيه اللغة، فلا بد من معجزة جديدة، والوحي قد انقطع فذكر سبحانه بعض معجزاته في الآفاق والأنفس، ولكن البعض قد غلوا في هذا الجانب ولووا أعناق النصوص، حتى يستقيم معهم ومع أهوائهم ولا حول ولا قوة إلا بالله، يقول الشيخ مناع القطان غفر الله له: (والذين يفسرون القرآن الكريم بما يطابق وسائل العلم، ويحرصون على أن يستخرجوا منه كل مسألة تظهر في أفق الحياة العلمية يسيئون إلى القرآن من حيث يظنون أنهم يحسنون صنعاً؛ لأن هذه المسائل التي تخضع لسنة التقدم تتبدل وقد تتقوض من أساسها وتبطل، فإذا فسرنا القرآن بها تعرضنا في تفسيره للنقائض كلما تبدلت القواعد العلمية، والقرآن كتاب عقيدة وهداية)( ). 2- نماذج مقبولة: قال تعالى: ((فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ)) [الواقعة:75، 76]. إن الله عز وجل لم يقسم بالنجوم بذاتها مع عظمتها ولكنه أقسم بمواقعها؟!! النجم الوحيد الذي تراه هو الشمس، فهو الوحيد الذي نشير باسمه، أما النجوم فيصلنا ضوءها بعد أربع سنوات، فنحن لا نرى النجوم بل نرى مواقعها في وقت يحتمل فيه أن تكون قد انتهت) ( ). قال تعالى: ((فَمَنْ يُرِدْ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ)) [الأنعام:125]. أثبت العلم الحديث أن الإنسان إذا ارتفع إلى الأعلى لا يستطيع الحياة لقلة نسبة الأكسجين هناك، ولأن الضغط في الطبقات العليا قليل بينما ضغط الجسم الداخلي أكبر مما يسبب انتفاخ الجسم وقد يتمزق). ( ) قال تعالى: ((وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْيدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ)) [الذاريات:47]. إن المراصد الحديثة أوضحت لنا وجود أكثر من بليوني مجرة في هذا الكون العظيم، وأنها ما زالت تتباعد عن بعضها مما يدل على حقيقة تمدد الكون العلمية، والتي أشار إليها القرآن)( ). (من الظواهر العلمية التي ورد الحديث في القرآن عنها: عدم طغيان الماء العذب مع المالح، وذلك في قوله تعالى: ((مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لا يَبْغِيَانِ)) [الرحمن:19-20] فنظراً لاختلاف كثافتهما لا يتحد أحدهما مع الآخر وإنما تنزع جزيئات الماء في كل منهما إلى الانكماش، محدثة توتراً في سطح كل منهما، الأمر الذي يكون خلاله شفافة فاصلة بين الكتلتين.( ) قال تعالى: ((وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً)) [الإسراء:12]. آية الليل: القمر، وآية النهار: الشمس، فمحونا آية الليل أي: طمسناها وأزلنا ضوءها، والمحو: الطمس ولا يكون إلا بعد إنارة، فمن هنا عرفنا أن القمر كان مشتعلاً ثم محي ضوءه، وهذا السر لم يعرف إلا قريباً)( ). قال تعالى: ((أَيَحْسَبُ الإِنسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى * أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى)) [القيامة:36-37]. اكتشف العلم الحديث أن السبب في الذكورة والأنوثة هو ماء الرجل، بعد الله عز وجل، ولقد أشار القرآن إلى أن الذكورة والأنوثة تحدد بماء الرجل، والنطفة التي تمنى تكون من ماء الرجل كما تذكر الآية السابقة.( ) نماذج غير مقبولة من الإعجاز: أ- الرؤية عن بعد بما يشبه التلفزيون: ((سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ...)) [فصلت:53]. ب- الإشارة إلى عبور الفضاء: ((وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى * عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى)) [النجم:13-14]. ج- الإشارة إلى عدم فناء المادة: ((وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ..)) [الأنعام:59]( ). الفصل التاسع متفرقــات
1- وفاؤه بحاجات البشر: ومعنى هذا أن القرآن الكريم جاء بهداية البشر في كل عصر ومصر، ووفاؤه بحاجات البشر لا تظفر به أي شريعة أخرى، ومنها: أ- إصلاح العقائد عن طريق إرشاد الخلق إلى حقائق المبدأ والمعاد، وما بينهما تحت عنوان الإيمان بالله تعالى وملائكته ورسله واليوم الآخر. ب- إصلاح العبادات عن طريق إرشاد الخلق إلى ما يزكي النفوس ويغذي الأرواح، ويقوم الإرادة، ويفيد الفرد والمجموع منها. ج- إصلاح الأخلاق عن طريق إرشاد الخلق إلى فضائلها، وتنفيرهم من رذائلها، في قصد واعتدال، وعند حد وسط لا إفراط فيه ولا تفريط. د- إصلاح الاجتماع عن طريق إرشاد الخلق إلى توحيد صفوفهم ومحو العصبيات وإزالة الفوارق التي تباعد بينهم، وأنهم أمة واحدة يؤلف بينها المبدأ، ولا تفرقها الحدود الإقليمية، ولا الفواصل السياسية والوضعية: ((وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ)) [المؤمنون:52]. هـ- إصلاح السياسة والحكم الدولي، عن طريق تقرير العدل المطلق ومراعاة الفضائل في الأحكام والمعاملات من الحق والعدل، واجتناب الرذائل من الظلم والغدر ونقض العهود وأكل أموال الناس بالباطل؛ كالرشوة والربا والتجارة بالدين والخرافات. و- الإصلاح المالي عن طريق الدعوة إلى الاقتصاد، وحماية المال من التلف والضياع، ووجوب إنفاقه في وجوه البر، وأداء الحقوق الخاصة والعامة، والسعي المشروع. ز- الإصلاح النسائي عن طريق حماية المرأة واحترامها وإعطائها جميع الحقوق الإنسانية والدينية والمدنية. ح- الإصلاح الحربي عن طريق تهذيب الحرب ووضعها على قواعد سليمة لخير الإنسانية في مبدئها وغايتها، ووجوب التزام الرحمة فيها والوفاء بمعاهداتها( ). ط- محاربة الاسترقاق في المستقبل وتحرير الرقيق الموجود بطرق شتى، منها الترغيب العظيم في تحرير الرقاب، وجعله كفارة للقتل وللظهار وغيرها. ي- تحرير العقول والأفكار، ومنع الإكراه والاضطهاد، والسيطرة الدينية القائمة على الاستبداد والغطرسة، ((فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ * لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ))( ). 2- سياسته في الإصلاح: ومعنى هذا أن القرآن انتهج طريقاً عجيباً في إصلاحه، وبيان ذلك من وجوه: أولها: مجيء هذا الكتاب منجماً، ومخالفته بذلك سائر كتب الله الإلهية بعداً بالناس عن الطفرة، وتيسيراً لتلقيهم إياه. ثانيها: مجيء هذا الكتاب بذلك الأسلوب الشائق الرائع الحبيب إلى نفوسهم، ليكون لهم من هذا الأسلوب دافع إلى الإقبال عليه، والاستئناس بما جاء من تعاليمه، وإن كانت مخالفة لما مردوا عليه من قبل. ثالثها: تكرار ما يستحق التكرار من الأمور المهمة، حتى يجد سبيله إلى النفوس النافرة والطباع العصية، فتسلم له القيادة وتلقي إليه السلم، مثال ذلك تقرير القرآن لعقيدة التوحيد واستئصاله لشأفة الشرك، بوساطة الحديث عنهما مراراً وتكراراً: تارة يصرح وأخرى يلمح، وتارة يوجز وأخرى يطنب، وتارة يذكر العقيدة مرسلة وأخرى يذكرها مدللة، وتاره يشفعها بدليل واحد وأخرى بجملة أدلة، تارة يضرب لها الأمثال وأخرى يسوق فيها القصص، وتارة يقرنها بالوعد وأخرى بالوعيد، وهكذا. رابعها: مخاطبة العقول والأفكار، ودعوته إلى إعمال النظر، وطلب الدليل والبرهان، ونعيه على من أهملوا العقول واستمرءوا التقليد الأعمى وركنوا إلى الجمود، قال تعالى: ((لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمْ الْغَافِلُونَ)) [الأعراف:179]( ). ((أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ * وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ * وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ * وَإِلَى الأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ)) [الغاشية:17-20]. ((قُلْ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ)) [يونس:101]( ). والمراقب لنزول القرآن وسير التشريع الإسلامي يرى من مظاهر هذه السياسة البارعة المعجزة كثيراً، وحسبك أن يبتدئ الأمر بتقرير عقيدة التوحيد، وألا تفرض الصلوات الخمس إلا بعد عشر سنوات تقريباً من البعثة( ). خامسها: مجيء القرآن بالتيسير ورفع الحرج عن الناس، ((وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ)) [الحج:78]. ((مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ)) [المائدة:6]. ((مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ)) [النحل:106] ( ). الفصل العاشر لطيفة من الشيخ الزرقاني غفر الله له
آيات العتاب: (ومعنى هذا أن القرآن سجل في كثير من آياته بعض أخطاء في الرأي على الرسول صلى الله عليه وسلم ووجه إليه بسببها عتاباً، نشعر بلطفه تارة وبعنفه أخرى، وننبهك في هذه المناسبة إلى أن هذا الخطأ ليس معصية، حتى يقدح ذلك في عصمة الرسول صلى الله عليه وسلم، إنما هو خطأ فحسب، بل هو من نوع الخطأ الذي يستحق صاحبه أجراً؛ لأنه صادر عن اجتهاد منه، فليس من الإنصاف حرمانه من المكافأة متى كان أهلاً للاجتهاد وإن أخطأ؛ لأن الإنسان ليس في وسعه أن يكون معصوماً من الخطأ، ((لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا)) [البقرة:286] وروى الجماعة كلهم حديث: (إذا حكم الحاكم في شيء فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر واحد). ولا ريب أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان في موضع الإمامة الكبرى للخلق، فكان من حكمة الله أن يجتهد ليقلده الخلق في الاجتهاد، وأن يخطئ في بعض الأمور لئلا يصرفهم خوف الخطأ في الاجتهاد عن الاجتهاد، ما دام أفضل الخلق على الإطلاق قد أخطأ، ومع خطئه لم يمتنع عن الاجتهاد، بل عاش طوال حياته يجتهد في كل ما لم ينزل عليه فيه الوحي، حتى يتقرر في الناس مبدأ الانتفاع بمواهب العقول وثمار القرائح، ويتحرر الفكر البشري من رق الجمود والركود، ((لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً)) [الأحزاب:21] ( ). آيات العتاب نوعان: نوع لطيف لين، ونوع عنيف خشن. المثال الأول: قوله تعالى: ((عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ)) [التوبة:43] وذلك أنه عليه السلام كان قد أذن لبعض المنافقين في التخلف عن غزوة تبوك حين جاءوا يستأذنون ويعتذرون فقبل منهم تلك الأعذار. المثال الثاني: قوله تعالى: ((مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ * لَوْلا كِتَابٌ مِنْ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالاً طَيِّباً وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)) [الأنفال:67-69]. وذلك أنه وقع في أسر المسلمين يوم بدر سبعون من أشراف قريش، فاستشار الرسول أصحابه فيهم؛ فمنهم من اشتد وأبى عليهم إلا السيف، ومنهم من رق لحالهم وأشار بقبول الفداء منهم، وكان صلى الله عليه وسلم مطبوعاً على الرحمة، ما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً، فرجح بمقتضى طبعه الكريم ورحمته الواسعة رأي من أشار بقبول الفداء، ولكن ما لبث حتى نزلت الآيات الكريمة المذكورة وفيها تسجيل لخطأ ذلك الاجتهاد المحمدي، فلو كان القرآن كلامه صلى الله عليه وسلم ما سجل على نفسه ذلك الخطأ. أمر آخر: في هذه الآيات ظاهرة عجيبة، هي الجمع بين متقابلات لا تجتمع في نفس بشر على هذا الوجه، فصدرها استنكار للفعل: ((مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ)) [الأنفال:67]. وعقب هذا الاستنكار عتاب قاس مر، وتخويف من العذاب: ((لَوْلا كِتَابٌ مِنْ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ)) [الأنفال:68] وفي أثر هذا الاستنكار والعتاب والتخويف أذن بالأكل، ووصف له بالطيب والحل، وبشارة بالمغفرة والرحمة لمن أكل: ((فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالاً طَيِّباً وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)) [الأنفال:69]( ). الخاتمـة أولاً: رد شبه حول الإعجاز: إن قال قائل: يجوز أن يكون أهل عصر النبي صلى الله عليه وسلم قد عجزوا عن الاتيان بمثل القرآن وإن كان من بعدهم من أهل الأمصار لم يعجزوا. إذا عجز أهل النبي صلى الله عليه وسلم فمن بعدهم أعجز: إنا إذا علمنا أن أهل ذلك العصر كانوا عاجزين عن الإتيان بمثله فمن بعدهم أعجز؛ لأن فصاحة أولئك في وجوه ما كانوا يتفننون فيه من القول مما لا يزيد فصاحة من بعدهم)( ). ثانياً: شمولية الإعجاز: (فإن ادعى ملحد أو زعم زنديق أنه لا يقع العجز عن الإتيان بمثل السور القصار، قلنا له: إن الإعجاز قد حصل بما بيناه، وعرف بما وقفنا عليه من عجز العرب عنه، وإذا ثبت إعجازه في السور الطوال قامت الحجة عليه. وليس بممتنع اختلاف حال الكلام حتى يكون الإعجاز في بعضه أشهر وفي بعضه أغمض، ومن آمن ببعض دون بعض كان مذموماً على ما قال الله تعالى: ((أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ)) [البقرة:85] وقال: ((وَنُنَزِّلُ مِنْ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ)) [الإسراء:82] فظاهره عند بعض أهل التأويل كالدليل على أن الشفاء ببعضه أوقع وإن كنا نقول: إنه يدل على أن الشفاء في جميعه)( ). ثالثاً: كلمة الختام: إن الكلام في إعجاز القرآن طويل، وقد اقتصرنا على أجزاء معينة، فنرجو من كل مطلع على هذا الموضوع أن يتفضل فيدعو لنا بالخير، وأن يزودنا بملاحظاته واستدراكاته، فإن الدين النصيحة، والمؤمنون بخير ما تناصحوا، وليعلم القارئ الكريم أننا لا نزعم لأنفسنا الكمال. وأخيراً أسأل الله عز وجل أن يبارك في هذا العمل القليل، وأن يرزقنا الاخلاص والاتباع، ونعوذ به من الرياء والابتداع، فما أخطأت فمن نفسي والشيطان، وما أصبت فمن الله. وسبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين. المراجـــع
1- القرآن الكريم. 2- تفسير وبيان مفردات القرآن – دار الرشيد – إعداد محمد حسن الحمصي. 3- المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم – محمد فؤاد عبد الباقي – دار الفكر العربي. 4- معترك الأقران في إعجاز القرآن – الإمام جلال الدين السيوطي – تحقيق: أحمد شمس الدين – دار الكتب العلمية – الطبعة الأولى 1408هـ. 5- إعجاز القرآن – الإمام محمد بن الطيب الباقلاني – تحقيق الشيخ: عماد الدين أحمد حيدر – مؤسسة الكتب الثقافية. 6- إعجاز القرآن – الإمام محمد بن الطيب الباقلاني – تحقيق الشيخ: محمد شريف سكر – دار إحياء العلوم – الطبعة الثانية 1411هـ. 7- البرهان في علم القرآن – بدر الدين الزركشي – تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم – المكتبة العصرية. 8- الجامع لأحكام القرآن – الإمام محمد القرطبي – دار الكتب العلمية – الطبعة الأولى – 1408هـ. 9- التفسير الكبير أو مفاتيح الغيب -الفخر الرازي- دار الكتب العلمية – الطبعة الأولى – 1411هـ. 10- في ظلال القرآن – سيد قطب – دار الشروق – الطبعة السادسة عشرة – 1410هـ. 11- مناهل العرفان في علم القرآن – الشيخ محمد عبد العظيم الزرقاني – تحقيق: أحمد شمس الدين – دار الكتب العلمية – الطبعة الأولى 1409هـ. 12- التصوير الفني في القرآن -سيد قطب- دار الشروق – المكتب الإسلامي – الطبعة الثالثة- 1410هـ. 13- لمحات في علوم القرآن – د/ محمد بن لطفي الصباغ – المكتب الإسلامي – الطبعة الثالثة- 1410هـ. 14- التبيان في علوم القرآن – الشيخ محمد علي الصابوني – عالم الكتب – الطبعة الأولى- 1405هـ. 15- إعجاز القرآن والبلاغة النبوية -مصطفى صادق الرافعي- دار الفكر العربي. 16- نظرية التصوير الفني عند سيد قطب – د/ صلاح عبد الفتاح الخالدي- دار المنارة -الطبعة الثانية- 1409هـ. 17- وفي أنفسكم أفلا تبصرون – أنس عبد الحميد القوز – الطبعة الأولى 1409هـ. 18- الطبيعيات والإعجاز العلمي في القرآن الكريم – د/ عبد العليم عبد الرحمن خضر – الدار السعودية للنشر والتوزيع – الطبعة الأولى- 1409هـ. 19- الإعجاز العلمي في القرآن الكريم – د/ زغلول النجار – شريط. 20- كتاب توحيد الخالق – عبد المجيد بن عزيز الزنداني – مؤسسة الكتب الثقافية – الطبعة الرابعة- 1411هـ. 21- كتاب التوحيد – عبد المجيد بن عزيز الزنداني – دار المجتمع للنشر والتوزيع – الطبعة الثالثة- 1408هـ. 22- الظواهر الجغرافية من العلم والقرآن – د/ عبد العليم عبد الرحمن خضر – الدار السعودية للنشر والتوزيع – الطبعة الثالثة- 1407هـ. 23- القاموس المحيط – الفيروز آبادي – مؤسسة الرسالة – الطبعة الثانية- 1407هـ. 24- مباحث في علوم القرآن – الشيخ مناع القطان – مكتبة المعارف – الطبعة الثالثة. 25- دلائل الإعجاز – عبد القاهر الجرجاني – تعليق وشرح: محمد عبد المنعم خفاجي – مكتبة القاهرة – الطبعة الأولى- 1389هـ.
فهرس الموضوعات الفصل الأول 4 التمهيد 4 أولاً: معنى الإعجاز: 4 ثانياً: شروط المعجزة: 5 ثالثاً: أوجه الإعجاز: 6 رابعاً: بم وقع التحدي؟ : 8 خامساً: لمن وقع التحدي؟: 8 الفصل الثاني 10 كلمة للإمام السيوطي رحمه الله 10 الفصل الثالث 12 حفظ السطر والصدر 12 الفصل الرابع 13 حسن التآلف 13 الفصل الخامس 17 لفتة جميلة من سيد قطب 17 الفصل السادس 22 التــأثـــير 22 الفصل السابع 24 الفـــــــن 24 الفصل الثامن 27 الأنفس والآفاق 27 نماذج غير مقبولة من الإعجاز: 30 الفصل التاسع 31 متفرقــات 31 الفصل العاشر 35 لطيفة من الشيخ الزرقاني غفر الله له 35 آيات العتاب نوعان: 36 الخاتمـة 38 أولاً: رد شبه حول الإعجاز: 38 ثانياً: شمولية الإعجاز: 38 ثالثاً: كلمة الختام: 39 المراجـــع 40 فهرس الموضوعات 43
| |
|